أدار الندوة :حمد الفحيلة
المشاركون في الندوة
د. عمرو ممتاز أحمد جاد استشاري أمراض الذكورة بمستشفى القوات المسلحة بالرياض
د. علي أحمد بن محفوظ استشاري مسالك بولية بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض
د. علي أحمد عبيد استشاري مسالك بولية برنامج مستشفى الرياض والخرج
عجيب جداً ان نجد من يجهل في ثقافته الجنسية والأعجب ان ترد قصص تصل الى درجة الخيال حين نرى ان البعض يطالب بالانجاب لسنتين متواليتين وهو جاهل في هذه الامور، فبالرغم من ان ديننا الإسلامي هو الدين الوحيد الذي ذكر معلومات دقيقة في الثقافة الجنسية وعن اهمية المعرفة السليمة لما يترتب عليها من علاقات سليمة وليس كما يتهمنا الغرب بأن ديننا دين مغلق وليس فيه حرية للمناقشة، ولكن ماذا نقول ونحن نرى قنوات فضائية فاضحة بدأت تدخل البيوت ونصبت نفسها عالمة في هذا الشأن مما جعل شبابنا يتلقون ثقافة جنسية خاطئة؟ ان الامر يدعونا الى الوقوف على هذه الثقافة لمعرفة المزيد عنها ولتوعية الشباب وأولياء امورهم بأهمية الإلمام بها قبل بدء الحياة الزوجية، فهي مهمة للرجل والمرأة على حد سواء حيث انه من الافضل بدايتها في المرحلة السنية الصغيرة وهذا لتوعية الشباب عن امورهم الجنسية ومعرفة العيب فيها وكيفية المحافظة على أنفسهم وذلك لمنع وقوع عدة مشكلات في الصغر قد تحدث في المدارس او الشوارع او بين الاقارب.. «الرياض» أخذت على عاتقها هذه المهمة حيث طرحت هذا الموضوع في هذه الندوة على عدد من المختصين.
٭ «الرياض»: كتوطئة لهذه الندوة، هناك تركيز لدى الكثير من الشباب على أن الثقافة الجنسية هي الممارسة فقط، بالاضافة إلى أخطاء يقعون فيها أثناء الزواج، ما الثقافة الجنسية بشكل عام؟
- د. عمرو جاد: انه من الغريب ان يكون العالم العربي والإسلامي في حالة ضعف شديد في الوعي في العلاقة الجنسية، خاصة أن الثقافة الجنسية التي نتحدث عنها مختلفة تماماً عن الثقافة الغريزية الخاطئة والهدامة والتي يتلقاها الشباب من بعض القنوات الفضائية الإباحية في الانترنت وغيرها ومن جلسات السمر الخاصة بهم، بالرغم من أن ديننا الإسلامي هو الدين الوحيد الذي ذكر في كتابه الكريم معلومات دقيقة عن الثقافة الجنسية وعن أهمية المعرفة السليمة لها ولما يترتب عليها من علاقات جنسية سليمة، وليس كما يتهمنا الغرب بأن ديننا مغلق وليس فيه حرية للمناقشة والمعرفة، ففي القرآن الكريم في سورة البقرة {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين٭ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. وفي هذه الأيتين توضيح شديد لأهمية الثقافة الجنسية، وان الصحابة رضوان الله عليهم رغم حيائهم الشديد لم يمنعهم هذا الحياء من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المصدر السليم للمعرفة عن العلاقة الجنسية في أوقات معينة، ومن حكمة رب العالمين أن يأتي الرد ليس من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة ولكن يأتي الرد من رب العالمين مباشرة ليوضح لهم ما تشابه عليهم أو ما سألوا عنه، ثم تأتي الآية مفصلة تفصيلاً أكثر عن العلاقة الجنسية وعن امكانية مجيئها في العديد من الأوضاع ولكن على أن تكون في الموقع الشرعي، لذلك أقول للشباب إن المداعبة والعلاقة الحميمة العاطفية بين الزوج والزوجة هامة جداً، كما جاء في كتاب الله {وقدموا لأنفسكم} وذلك كي لا تكون العلاقة علاقة بهيمية تعتمد على الغريزة دون العناية بالمشاعر والتحضير لها قبل البدء فيها، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة النور {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت إيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم}، وهنا نقطة أخرى نضيفها في المعلومات والثقافة الجنسية المذكورة في القرآن عن وجود خلوة أو أهمية ضرورة الخلوة بين الزوج والزوجة حتى دون وجود علاقة جنسية بما يترتب عليها من صفاء ونقاء للعلاقة بينهما حتى تكون العلاقة الجنسية سليمة في المستقبل، وكل هذا مذكور في القرآن وبالرغم من ذلك نحن بعيدون عنه، وللأسف أنه لا يوجد إلى الآن قنوات واضحة وذات مرجعية سليمة للشباب أو لعامة الناس ليستسقوا منها ثقافة جنسية بشكل واضح وان كنا الآن بدأنا في الانتباه والتلميح للعديد من القنوات الفضائية على أهمية الثقافة الجنسية، ومع تطور العلاج الخاص بالاضطرابات الجنسية بدأ العديد من الشركات في القيام بإجراء المؤتمرات للتوعية ومؤتمرات علمية لتوضيح أهمية هذا الموضوع بالنسبة للناس، وشوهد في الأعوام الأخيرة تطور في هذا المجال فقد شُكلت الجمعية العربية للصحة الجنسية واهتمت بالوعي الجنسي لدى الشباب ولدى الكبار على شكل مقالات تطبع وتنشر، وسيتم قريباً ان شاء الله اصدار موقع في الانترنت له مرجعية معروفة حتى يأخذ الناس منه ما يناسبهم ويبتعدوا عن المواقع ذات الصدقية المعدومة. والآن المملكة قامت بإجراء الكشف قبل الزواج، ومن أهمية هذا الكشف هو أن يجلس الطبيب مع الزوج والزوجة ليشرح لهم بعض الأمور الهامة المتعلقة بالثقافة الجنسية قبل أن تبدأ حياتهم الزوجية لتلافي عنة ليلة الزواج ومشكلات الاضطرابات الجنسية بعد الزواج.
- د. علي محفوظ: مفهوم ضعف الجنس عند كثير من الشباب يتحدد بعدم إتيان الزوجة في اليوم عدة مرات، ويعتقد الزوج ان ذلك بسبب عجز جنسي لديه، وهناك عدة اسباب في هذه الحال، والفهم الشخصي لكل شخص يعتمد على الحالة نفسها من شخص إلى آخر.
- د. علي العبيد: بالنسبة للثقافة الجنسية فهي مهمة لدى الرجل والمرأة، قد نفتقدها كثيراً في الوسط الشبابي أو عند صغار السن، لأن لديهم كل ما يتعلق بالجنس هو أمر معيب، ولا يمكن مناقشته، بينما تبدأ الثقافة الجنسية في الحقيقة في المرحلة السنية الصغيرة لتوعية الأطفال فيما يخص اعضائهم الجنسية وما هو العيب فيها وكيف المحافظة عليها وذلك لمنع وقوع عدة مشكلات في الصغر والتي قد تحدث في المدارس والشوارع وبين الأقارب، وعندما يعي الطفل ان هذه الأعضاء التناسلية ليس لأحد الحق في الاطلاع عليها، فعندها نقوم بحماية الطفل كثيراً من وقوع مشكلات قد تحدث له، وبالنسبة لسن الشباب نرى أنه لا توجد ثقافة جنسية في مناهج التعليم، حيث إنهم لا يعرفون العلاقة بين الرجل والمرأة، وعند الكثير منهم، بينما العلاقة الجنسية يرتبط بها علاقة عاطفية ومودة، ودونهما لا تتم العلاقة الجنسية السوية الكاملة، ولذلك أقول إن من الأهمية وجود التوعية الصحية الجنسية التي تبدأ في مرحلة متقدمة من العمر، حتى تقف مانعاً للكثير من الأمراض الجنسية في المستقبل.
- د. عمرو جاد: ارى انه يجب تثقيف الآباء ثقافة جنسية فيما هو مطلوب أن يعلموه لأبنائهم وما يجب أن يتم تعليمه في كل مرحلة عمرية حسب اختلافها وعدم الترهيب الشديد للأطفال من هذا الموضوع الذي يؤدي أحياناً إلى مشكلات واضطرابات جنسية في المستقبل، ومن هذا المنطلق أرى أن هناك واجبا على الأطباء والعلماء والمشايخ في نشر أساليب التوعية للمراحل السنية المختلفة دون خدش الحياء والدين، ونجد في الدول الغربية هناك مراجع لكل فئة عمرية من حيث ما يتلقى فيه هذا العمر من ثقافة جنسية، لذلك علينا أن نبث هذه المعلومات لجمهور الناس ليعرف الأب
ما الذي يقوله للولد دون خدش الحياء.
٭ «الرياض»: الثقافة الجنسية مسؤولية كبيرة، هل نحملها للأسرة أم للمدرسة أم لوسائل الإعلام؟
- د. عمرو جاد: يجب ان يتحمل المسؤولية الاطباء النفسيين في وضع الهيكل العام للثقافة الجنسية ثم يأتي بعد ذلك مسؤولية الاعلام في نشر هذه الثقافة الى من سيحملها للمرحلة التالية في ذلك، وهناك فرق كبير بين الثقافة الغريزية والثقافة الجنسية، حيث ان الثقافة الجنسية هي ثقافة علمية هادفة شرعية مراعية للحياة واصول الدين، اما الثقافة الغريزية فنحن ننبذها تماماً وهي اساس من اساسات الاضطرابات الجنسية في الوقت الحالي.
- د. علي محفوظ: حقيقة الكل يعلم ان ديننا الحنيف هو دين التعلم والفهم والاتقان في الوقت نفسه، وأول آية نزلت في القرآن هي آية التعليم {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق...}، لذلك يجب ان يبدأ التعليم من المنزل، حيث يكون الاب مصاحباً لابنه والام تكون قدوة لابنتها، لذلك يجب ان يبدأ التعليم من السنوات الاولى تفادياً لوقوع اخطاء مع تعدد القنوات الفضائية وما تبثه من سموم.. فمنذ نعومة اظافر الابن او الابنة يجب ان يبدأ تعليم الام الثقافة الصحية ثم الثقافة العلمية ثم الثقافة الجنسية وبدورها تنقلها بالترتيب لابنتها، خاصة ان الثقافة التي يتعلمها الطفل او الطفلة خارج المنزل هي ثقافة محاطة بالسموم وبأشكال مختلفة بحيث يتلقاها الطفل من اكثر من مصدر دون العلم بصحتها او خطئها، خاصة ان ديننا الحنيف قد فرق بين الاطفال في المضجع في سن السابعة، ومن هنا تبدأ شخصية الطفل من خلال معرفته بنفسه وبأعضائه وغير ذلك.
- د. علي العبيد: ان المسؤول عن الثقافة الجنسية هو عدة جهات حيث تبدأ المسؤولية من البيت ثم المدرسة وكذلك المؤسسات الاجتماعية، وامر الثقافة الجنسية ليس بالسهل ويحتاج الى خطة وتعاون كلي، حيث نسمع ونشاهد الكثير من المتزوجين الذين يعانون ويواجهون صعوبات جنسية في بداية حياتهم. وقد نشاهد كلاً من الرجل والمرأة في احسن صحة جسدية وقد تواجهما مشكلات جنسية كبيرة وقد تصل الحال الى الطلاق، وهذا الامر ليس موضحاً للناس بشكل عام من خلال الاعلام، ولذلك لا بد من حلول لهذه المشكلات وتكون بدايتها التثقيف في المدرسة ثم في المنزل وايضاً الثقافة الجنسية قبل الزواج مهمة جداً، لهذا ارى وجوب قيام دورات اجبارية وليست اختيارية وتكون مجانية تقيمها مؤسسات اجتماعية كالجمعيات الخيرية والجامعات وغيرها، حيث يتعلم فيها الرجل والمرأة التعامل الصحيح بينهما والتعرف بالشكل الصحيح على الأعضاء التناسلية والتخطيط لحياتهم المستقبلية مالياً واجتماعياً وانجاب الاطفال وغير هذا مما تساعد على فهم الحياة الجنسية بين الزوجين وتجعلها سهلة ومحببة.
- د. عمرو جاد: الصورة التي ذكرها الدكتور علي العبيد صورة مثالية ونحن نحتاج الى وقت اطول للوصول اليها ولن تكون في القريب العاجل، اذ في صدر الإسلام نجد ان الصحابة يستقون ثقافتهم واسئلتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة الشريفة والمشايخ وعلماء الدين والى وقت قريب كانت العروس تلتقي كبيرات السن في ليلة الحناء لتعليمها وتعريفها بالعملية الجنسية والخطوات المتبعة في ذلك، وفي الوقت نفسه يلتقي الشاب او العريس بأكبر شخص في حي العروس ليعرفه على الجيران واثناء مسيره مع هذا الرجل المسن يكونان وحدهما حيث يستقي العريس المعلومات الكاملة عن الحياة الجنسية من هذا الرجل بالإضافة الى المعاملة الجيدة للمرأة وكيفية ملاطفتها واحترامها وغير ذلك، ولكن في زمننا الحالي تفاجأ الشباب بالفضائيات والانترنت والتي تبث فقط ثقافة غريزية تجعل الشاب يتخيل ما هو ليس حقيقياً وصورة خاطئة تماماً عن الحياة الزوجية وكذلك الامر ينطبق على الفتاة، مما تدخل الفتاة والشاب في متاهمة مع عدم وجود المصدر الصحيح لهذا الامرخاصة مع وجود الخجل وعدم القدرة على السؤال، لذلك يجب توضيح الهيكلية العامة لهذا الامر وهي مسؤولية الاطباء ورجال الخدمة الاجتماعية ثم رجال الاعلام.
تابع