بدأت رحلة عصام الحضري مع الأهلي مع نهاية عام 1995 عندما رشحه حارس الأهلي الراحل عادل عبدالمنعم لثابت البطل مدير الكرة في ذلك الوقت وأكد له أنه سيصبح حارساً ذا شأن كبير وأنه يري فيه نموذجاً للحارس الممتاز فقد كان عبدالمنعم مدرباً لحراس دمياط مع عادل طعيمة المدير الفني وابن الأهلي أيضاً وكالعادة تابعت عيون كشافي الأهلي الحارس الصاعد ووجدوا فيه فرصتهم للتخلص من أحمد شوبير الذي سبب صداعاً دائماً للثنائي البطل وإكرامي وبدأت فصول الرواية بضمه للمنتخب الأوليمبي وإقناع محسن صالح ابن الأهلي بضمه للمنتخب الأول حتي تعرف الجماهير اسمه وتقتنع بأنه صفقة رابحة، ورغم اعتراض عادل طعيمة بشدة نظراً لتلقي شباك الحضري 56 هدفاً بالتمام والكمال في ذلك الموسم إلا أن الراحل ثابت البطل صمم علي ضم الحارس بل وسعي لدي صالح سليم للضغط بشدة من أجل التعاقد معه قبل نهاية الموسم وهذا ما حدث. وبانضمام الحضري للأهلي بدأت أولي فصول اعتزال أحمد شوبير فقد بدأ إكرامي والحضري الحملة الإعلامية لإظهار الحضري في صورة الحارس الرائع وأيضاً التقليل من أسهم شوبير وساعدهم الحظ كثيراً بإصابة الأخير في مباراة المريخ البورسعيدي وإجرائه عملية جراحية في الكتف ليبدأ معها مشوار صعود الحضري ورغم أن بداياته كانت مهتزة بعض الشيء إلا أن سوء حالة مصطفي كمال وعدم وجود حارس آخر ساهم بشدة في احتفاظه بلقت الحارس الأول في النادي الأهلي وظل الحضري بعيداً لفترة ليست بالقصيرة عن حراسة المنتخب نظراً لوجود نادر السيد وتألقه وظل نادر محافظاً علي مكانته كحارس أول للمنتخب الوطني في بطولات إفريقيا 98، 2000، 2002 ثم بدأ مشوار الحضري في 2004 ولكنه لم يستمر طويلاً وتولي الحراسة بدلاً منه عبدالواحد السيد إلا أنه عاد وبشدة في بطولة 2006 وكان أحد الأسباب الرئيسية للفوز باللقب الإفريقي وكانت تلك البداية الحقيقية للحضري فعلي الرغم من وجود نادر السيد في مشوار تصفيات كأس العالم مع تارديللي ومن بعده مع شحاتة إلا أنه كان أحد الأسباب الرئيسية للهزيمة أمام كوت ديفوار والخروج من تصفيات كأس العالم وبعدها قرر شحاتة الاعتماد علي الحضري وعبدالواحد السيد وحالت الإصابات المتكررة لعبدالواحد دون استمراره في المنتخب ومن هذه النقطة بدأت رحلة الحضري في التألق مع الأهلي فقاد الأهلي للفوز ببطولات إفريقيا والدوري والكأس وتألق بشدة في المباريات النهائية أمام الصفاقسي والنجم الساحلي وتألق في مباريات السوبر أمام الزمالك والنجم الساحلي ونهائي الكأس أمام الإسماعيلي واستطاع في كل هذه المباريات أن ينقذ رأس مانويل جوزيه فقد كان الفوز دائماً بضربات الجزاء التي تألق فيها الحضري كأروع ما يكون واستمر تألق الحضري مع الأهلي في مسابقة الدوري العام حتي أنه أصبح مصدر الأمان لجماهير الأهلي التي ارتبطت به بشكل كبير ولكن علي العكس تماماً لم تكن علاقة الحضري بزملائه علي نفس المستوي فدائماً ما كانت المشاكل هي القاسم المشترك بين الحضري وزملائه التي وصلت إلي الذروة عندما قرر مانويل جوزيه سحب شارة الكابتن منه بدعوي أنه غير مؤهل لقيادة فريق الأهلي وهي القشة التي قصمت الحضري ورغم محاولاته الدائمة إبداء أنها لم تؤثر عليه إلا أنها كانت الشغل الشاغل له ولعل أول ما فعله الحضري عقب عودته حاملاً كأس إفريقيا من غانا هو اجتماعه بمانويل جوزيه ومطالبته بإعادة الشارة إليه وهو ما رفضه جوزيه تماماً الذي يعترف دائماً بأن علاقته بالحضري علي المستوي الشخصي متوترة للغاية رغم تقديره له كحارس مرمي من العيار الثقيل ولعل هذه القصة كانت لها الدور الأكبر في رحيل الحضري إلي سيون السويسري فقد خرج غاضباً ومهموماً من لقاء جوزيه وصب جام غضبه علي مدربه أحمد ناجي الذي حاول كثيراً تهدئة ثورة حارسه إلا أنه هدد وتوعد بالانتقام والرحيل من الأهلي وهو ما لم يأخذه ناجي مأخذ الجد وأيضاً حسام البدري الذي حاول بكل الطرق اقناع الحضري بالهدوء والتعامل باحتراف مع الموقف وهو ما رفضه الحضري تماماً، الحضري كان قد عقد العزم علي السفر عقب لقاء المصري فحصل مبكراً علي تأشيرة السفر إلي سويسرا مع زوجته، ورغم مفاجأة عدم وجوذ تذاكر سفر علي الخطوط النمساوية إلا أنه نجح في السفر علي خطوط أخري بصحبة زوجته وهي العقل المدبر له في الموضوع من بدايته إلي نهايته ليجد استقبالاً رائعاً هناك في سويسرا لم يتوقعه كما لم يتوقع أيضاً ردود الفعل الغاضبة بشدة في كل أنحاء مصر أيضاً لم يتوقع موقف الأهلي القوي وجماهيره الغفيرة والتي راهن الحضري علي وقوفها بجدارة. وعلي الرغم من انتظام الحضري في التدريب منذ أول يوم إلا أنه أبدي حزنه الشديد من جو الهدوء العجيب الذي يخيم علي مدينة سيون فالحياة تتوقف تماماً عقب الساعة الثامنة وهو يؤدي التدريبات صباحاً ولا توجد جالية مصرية أو عربية وعلاقته بالعالم الخارجي شبه مقطوعة تماماً وهو ما لم يعتد عليه الحضري، أيضاً فاجأ الحضري الجميع بحضور المباراة لفريقه بصحبة زوجته وقد خلعت الحجاب خوفاً من اتهامها بالإرهاب- علي حد قولها- هناك واكتفت بقولها إنها ارتدت ملابس الحشمة ولم يظهر منها سوي شعرها خوفاً علي عصام الحضري!!
الغريب أيضاً أن الحضري بعد أن التزم الصمت تماماً في أول يومين عاد وانطلق في حوارات صحفية وأحاديث لكل القنوات التليفزيونية وأرسل أكثر من إشارة لمجلس إدارة الأهلي باستعداده التام للعودة فوراً إذا ما أراد مسئولو الأهلي وتوقع الحضري رد فعل إيجابياً لهذه المبادرة إلا أن الرد جاء سلبياً تماماً من مسئولي الأهلي فقد رفض حسن حمدي عقد اجتماع مجلس إدارة للبحث في المشكلة واكتفي بدعوة لجنة الكرة ومعها خالد مرتجي بصفته مقرباً من الفيفا وجاء قرار الأهلي بتصعيد الأزمة أو بمعني أدق ببدء حملة تصفية للحضري وجاءت التعليمات واضحة لمانويل جوزيه بالهجوم علي اللاعب وأيضاً لأحمد ناجي مدرب الحراس كما بدأت حملة إعلامية شعواء ضد اللاعب هددوا فيها بكشف المستور وإظهار شرائط وخلافه!!
وهو ما أذهل الكثيرين وعلي الرغم من إبداء البعض المرونة داخل مجلس إدارة الأهلي مثل محمود باجنيد أمين الصندوق إلا أن موقف طارق سليم عضو لجنة الكرة وأيضاً- وهذه هي المفاجأة- هادي خشبة منسق الكرة بالرفض التام لأية مبادرات مع امتناع مجلس الإدارة عن الاجتماع جعل أمر عودة الحضري إلي صفوف الأهلي شبه مستحيل والسيناريو القادم نتوقعه كالتالي:
أولاً: السعي لدي الاتحاد المصري لإيقاف الحضري عن المباريات الدولية لمنع أي فرصة له للعب ولو حتي مباريات ودية مع منتخب مصر خصوصاً أن أول مباراة ستكون أمام الأرجنتين بتاريخ 26/3.
ثانياً: إعادة الحضري مرة أخري إلي مصر بعد تصعيد الموقف مع الفيفا ومساندة الاتحاد المصري لموقف الأهلي.
ثالثا: اجتماع مجلس الإدارة في حالة عودة اللاعب وإصدار قرار بشطبه من الكشوفات ورفع الأمر إلي الاتحاد المصري ليرفعه إلي الفيفا لاعتماده.
رابعاً: بدء حملة ترهيب لكل أعضاء الفريق شعارها أن الأهلي فوق الجميع وأن لا أحد يقدر علي لي ذراع الأهلي حتي ولو كان عصام الحضري علي الرغم من رأي وكيل اللاعبين المعتمد تامر النحاس بأن الحضري قد أخطأ مرتين مرة قانونا والثانية أخلاقا.. وأن القانون الذي يسمح للاعب بترك ناديه لم يكن هذا البند مطبقا علي الحضري.. كما أن الحضري لم يلتزم ببنود المادة التي تحق له ترك النادي لأنه لم يخطر النادي قبل هروبه بالمدة الموجودة في البند.. وأشار تامر النحاس إلي أن ما حدث عبارة عن عملية سرقة بشكل محكم ومنظم من ناد لناد آخر وأن مساءلة أن النادي السويسري يقع في بلد الفيفا فهذا وهم ويروج له البعض وضرب مثلا «هل من ساكن بجوار قسم لابد أن يكون حرامي».
وشدد النحاس علي أن الجهل بالقوانين الدولية هو السبب ولابد أن يقرأ الجميع ويعرف ما يدور حوله، لأننا اهتممنا بالقوانين المحلية فقط.
وأرجع خالد عبدالستار وكيل لاعبين من مكتب سمير السيد المعتمد أن ما فعله الحضري راجع علي ضغط الأندية علي اللاعبين ووعدهم بالاحتراف دون تحقيق هذا الحلم وأن الأندية همها الأول البطولات وليس رغبة اللاعبين.. ولكن الحضري أخطأ في توقيت خروجه من الأهلي وأنه لم يطبق اللائحة بالضبط وكذلك في طريقة خروجه.. وأشار خالد عبدالستار إلي النظر للاعبين الذين تركوا الأهلي وهم: «وائل جمعة، محمد شوقي، شريف أشرف، حسن مصطفي» كلهم عانوا من اضطهاد وذل ولا أحد خرج من الأهلي بحب وود مع ناديه والعاملين فيه وهذه مسألة لابد أن تأخذ في الحسبان عند الحكم علي ما فعله الحضري.
وأشار إلي أننا في مصر نأخذ المسائل بعاطفية ولكن المسائل لا تأخذ هكذا، يوجد لوائح وقوانين منظمة للكل ولابد الابتعاد عن نغمة الخيانة والهروب لأن الاحتراف لا يعترف بذلك. وطالب عبدالستار اتحاد كرة القدم بترجمة كل لوائح الفيفا للعربية وتوزيعها علي الأندية والوكلاء بجانب عمل دورات تدريبية لكل إداريي الأندية.. وأكد خالد عبدالستار علي نقطة وهي أن مصر من أكثر الدول مشاكل عند الفيفا.. وكل من علي خلاف مع نايه أو الاتحاد يتجه للفيفا وهذا من أهم أسباب أن القضايا المصرية تطول جدا عند الحكم فيها بخلاف مشاكل الدول الأوروبية والتي تنتهي تقريبا في أسبوع من عرضها علي الفيفا.. وهذا يرجع لسبب عدم ثقة في اتحاد كرة القدم.. فلو هناك ثقة في الاتحاد لما كان الاتجاه للفيفا من الجميع هو الحل.. ولابد للاتحاد أن يرجع هذه الثقة بأنصاف الأندية الصغري علي الكبري والابتعاد عن الخوف من جماهير الأندية الكبري. وأشار عبدالستار إلي أن وكيل اللاعبين الذي سهل للحضري ما حدث لو معتمد سوف يتعرض لعقوبة ولو غير معتمد لابد للأهلي برفع دعوي مدنية عليه لمزاولة مهنة دون ترخيص لايقاف مسلسل فضائحه.
الأيام القليلة القادمة ستجيب عن السؤال هل غربت شمس الحضري مع الكرة المصري أم أنها ستعود مرة أخري للشروق